لا استطيع انكار أنّ عبارة "هجين وكع بسلة تين" هي العبارة الأمثل التي انطبقت علي عندما بدأت بمشاهدت هذا المسلسل، لدرجة أنني لم أحضر امتحان في الجامعة لأكمل ما فاتني من حلقات، وكان مجموع الخسائر والإصابات في ذاك الفصل الدراسي، "عتل مادة" و "كمشة خمسينات"، بحيث اعترف بلا أي نقاش بأن التوقيت للأسف لم يكن مناسباً بالمطلق.
Prison Break مسلسل أمريكي تدور أحداثه عن شخص حكم عليه بالإعدام ظلماً لارتكابه جريمة قتل، وبعد أن يصاب أخوه مايكل بحالة من اليأس بعدالة القضاء يخطط لإخراجه من السجن.
مايكل هو مهندس معماري في قمة الذكاء، وهو قادر على استغلال أصغر التفاصيل ليحول مسار القوى باتجاه الفكرة والهدف الذي يرغب بتحقيقه.
لكن العبرة من ذاك المسلسل هي حنكة وذكاء مايكل في استغلال خيانات الآخرين، ففي الحلقة الأخيرة وبعد أن رسم المخرج حالة من اليأس واستحالة إخراج سارة من قضبان السجن، عمل مايكل على وضع خطة، جوهرها بأن يستغل خيانة الآخر، بحيث أنه أبلغ الشخص الذي تأكد من خيانته بأنه يود اشعال النار بالسجن، فحينها سيعمل نظام الحماية على فتح الأبواب الداخلية مما يعني سبيل لإخراج سارة المظلومة من بين القضبان.
وبالفعل ولأن التقييم الجيد للأشخاص يساعدنا على تحديد أدوارهم، قام الشخص بالدور الموكل إليه "الخيانة"، وقام مايكل باستغلال الخيانة لتكون الخطة البديلة خطة تحتاج إلى قطع الكهرباء عن السجن وهو الأمر الذي قامت به إدارة السجن لمنع نظام الحماية من العمل، والتفاصيل المثيرة والشيقة هي بالفعل العنوان الأبرز لهذا المسلسل.
لكن لو تخيلنا بأن تصبح أبطال الفيلم فلسطينية، ويكون مايكل هو أبو الوليد خالد مشعل وشتان ما بين الثرى و "الخرا"، ويكون أبو فادي محمد دحلان هو تي باغ الذي يلعب دور الخائن، وتكون تفاصيل المسلسل أن أبو الوليد هو أسير ظلم وطغيان الخائن أبو فادي، بحيث أن أبو فادي هو الشخص الذي ينسق مع الكيان الصهيوني ويقوم بادخال معدات وأسلحة حديثة لقتال كتائب أبو الوليد، ويلعب أبو الوليد دور احترافي ومميز في استغلال خيانات الآخرين ليقوم باستغلال مقدرة أبو فادي على تأمين الغذاء والدواء لغزة، ويقوم بالتخطيط لسرقة ما يملك أبو فادي وميليشياته من أسلحة وعتاد، لقتال المحتل الصهيوني.
"بكفي هبل" … عيب نستغل الآخرين ! حتى لو كانوا خونة ؟
للأسف لو لعب أبو الوليد دور المستغل لخيانات الآخرين، لكان حال غزة الآن أفضل وقد نستطيع من خلاله امتلاك بعض المعطيات أن نقول "في أمل"، لكن النسخة الفلسطينية من هذا المسلسل لعب الكيان الصهيوني دور مايكل بها باحتراف، فاستغل قلة الوعي عند أبو الوليد، وخيانة أبو فادي، لتشتعل نيران فتنة داخلية نتحمل مآسيها لليوم.
ليس نيران فتنة فقط؛ بل قامت بمحاصرة المقاومة في رقعة واحدة، فبعد أن كانت هذه المقاومة هي المسيطرة على المكان، أصبحت اليوم وللأسف المسؤولة أمام الجميع عن مليون ونص فلسطيني قابع خلف قضبان غزة .
شكراً مشعل .. وشكراً أبو فادي … لن تستطيعوا أداء دور مايكل في هذه النسخة .
لذلك دعنا نبحث عن خائن وشريف واهبل ليقوم بأداء الأدوار في مسلسل تحرير دولة فلسطين.
في النهاية، لعل الأيام تثبت لنا دوماً بأننا نستطيع أن نقف أمام رغبات الآخرين، والحل الوحيد لنا أن نقوم باستغلال رغباتهم لمصلحة "الفكرة".
دمتم .. ودامت فلسطين من النهر إلى البحر … حرة بأعيننا وقلوبنا .. إلى يوم التحرير.
إضافة تعليق جديد