شكل رحيل والدي جرحاً لا يبرأ وحزناً لا يفارق القلب، ولم تنجح أي من محاولتي بتجاوز ألم الفراق خصوصاً أن والدي كان له الأثر الأكبر في صياغة تفاصيل شخصيتي منذ الصغر. ذلك الارتباط الوثيق جعل من مهمة اعتياد الغياب أمراً صعباً، وتمتلكني في كثيرٍ من الأحيان أفكار الاستسلام للاشيء اتعكز ضدها بكلمات لوالدي أحارب فيها مشاعري السلبية وأقاوم حتى استطيع الاستمرار.
اشارككم اليوم الحوارات الداخلية لعلها تساعد أحدكم كما ساعدتني فيترحم على والدي فأكون ولداً باراً، فهو بصدق يستحق ذلك.

أذكر هنا بعض الخطايا التي ارتكبتها أو أحاول عدم ارتكابها في أثناء مسيرتي لتأسيس شركة، هي خلاصة خبرة شخصية وقد لا تتناسب مع الكثيرين، وبلا شك قد اقتنع بالمستقبل بأنني كنت مخطئ بإحدى تلك النقاط، لكن هذا هو نتاج ما امتلك من وعي الآن.

إن الخطايا السبع القاتلة لأي صاحب مشروع جديد تتمثل بــ

إحدى صور الطفولة التي لن تغيب عن جدران الذاكرة هي علبة "راس العبد"، تلك العلبة البيضاء التي يطغى على غلافها صورة الشب "السيكا" وطربوشه الأحمر. فأهمية راس العبد لا تكمن بالحبة التي كنت استمتع بتناولها ، لتمتد معلنتاً بأنها عنوان مرحلة هي الطفولة، الطفولة بأحلامها وشقاوتها، وتأملاتها، وعيونِ طفلٍ عنيد يريد استكشاف المزيد.

لا استطيع انكار أنّ عبارة "هجين وكع بسلة تين" هي العبارة الأمثل التي انطبقت علي عندما بدأت بمشاهدت هذا المسلسل، لدرجة أنني لم أحضر امتحان في الجامعة لأكمل ما فاتني من حلقات، وكان مجموع الخسائر والإصابات في ذاك الفصل الدراسي، "عتل مادة" و "كمشة خمسينات"، بحيث اعترف بلا أي نقاش بأن التوقيت للأسف لم يكن مناسباً بالمطلق.

لم يكن الشعور بأن حالة السكون والاستقرار في وسط البحر مؤرقاً لسفينتنا في أي حال من الأحوال، حيث أنها لطالما قاومت الريح ولطالما نكست أشرعتها أمام أي منها ، لأن كل الشواطئ التي تتجه نحوها تلك الريح لا تتناسب مع ربان سفينتنا الأغر.

أصبحت على قناعة في الآونة الأخيرة أن علاقتي مع الناموس ليست علاقة تطفل "متطفل و فريسة"، علاقتي مع الناموس علاقة ارتباط دائم وليالي أرق لا ترحل أبداً.

ولأن تلك العلاقة بدأت بالتطور وبدأت في التوجه نحو منحنى مختلف عن المنحنى الطبيعي كان لا بد لي أن أكتب عنها كونها أصبحت جزء من معاناتي اليومية وسبب رئيسي في عدولي عن النوم.

لم تكن زيارتي الأخيرة للشارع الرئيسي في حينا عادية، ففي أثناء انتظاري لأحد أصدقائي، أثار فضولي بعض الفتية الملتفين حول شخص، و مناداته بــ "نيتشه". لم أستطع حينها إلا التوجه لرؤية ذاك الشخص الملقب بــ "نيتشه"، نيتشه ذاك الفيلسوف الألماني الذي ارتبطت معه بشده، وخصوصاً بإحدى عبارته التي لازمتني أربعة سنوات طيلة مشاركتي في الحركة الطلابية داخل الجامعة "قل كلمتك وحطم نفسك إلى شظايا".