اختر السنة

أصبحت على قناعة في الآونة الأخيرة أن علاقتي مع الناموس ليست علاقة تطفل "متطفل و فريسة"، علاقتي مع الناموس علاقة ارتباط دائم وليالي أرق لا ترحل أبداً.

ولأن تلك العلاقة بدأت بالتطور وبدأت في التوجه نحو منحنى مختلف عن المنحنى الطبيعي كان لا بد لي أن أكتب عنها كونها أصبحت جزء من معاناتي اليومية وسبب رئيسي في عدولي عن النوم.

في طريق العودة إلى المنزل اضطر للانتظار ساعات تحت المطر عفواً تحت أشعة الشمس الحارقة بشوارع عمان ، حتى أنني أصبحت على قناعة بأن الجيل الذي يتبع جيل غادة السمان وسعاد الصباح سيكون صيفي الرومانسية، مكتظ المشاعر، بينه وبين أحبته جسور من المحبة ، سريع التضحية كالباص السريع.

ما زالت كلمات محمود درويش تحلق في مسمعي، ترسم صورة بألوان الخيبة، تأخذ من ذاكرتي مساحة بحجم الألم الذي أشعر به.

"أعجبنا حزيران في ذكراه الأربعين: إن لم نجد مَنْ يهزمنا ثانيةً هزمنا أنفسنا بأيدينا لئلا ننسى!"

منذ زمن لا أتابع أخبار كرة القدم .. وبعد "كرة القدم أفيون الشعوب"، أصبحت أكره الكرة بشدة، لأنني أصبحت على قناعة بأنها وسيلة لإلهاء الشعوب وإبعادهم عن همومهم اليومية، والحقيقة ردود الشعوب اليومية وخصوصاً الشعب الأردني ردود غريبة للغاية، ففي مدينة الزرقاء قام مجموعة من مشجعي نادي ريال مدريد بضرب مشجع لنادي برشلونة، والغريب في الموضوع أن والد الشاب المضروب مُصر على أن يكون لاعبي فريق ريال مدريد ضمن جاهة العطوة! "على أساس إنهم قلقانين فينا".

لطالما شعر أبو العز بالحيرة أمام كل تلك القرارات التي تتخذها حكومته الموقرة ، ولأنه لم يكن على إطلاع بالسياسة، كان يلجأ دائماً لأصدقائه للسؤال عن السبب ؟؟ ليكون الجواب واحداً : "فلسفة الحكومة .. يا حمار".

أصابت أبو العز حالة من رفض الواقع، وعزم على تعلم الفلسفة علها تمكنه من فهم "أسباب" تصرفات الحكومة .

لم ألاحظ وقوفها على الشرفة المطلة على الاكتظاظ الموجود في الشارع الرئيسي، لا أدري لأنني اعتدت على ذلك منذ ثلاثة أيام، أم لأن المادية سيطرت علي، خصوصاً وأنني موظف جديد يريد إثبات جدارته.

أصابتني الدهشة عندما سألها أحدهم "أم صابر كم عمر صابر الله يحفظلك اياه؟"

لأنني وفي الفترة الأخيرة  قررت أن أخلق مبررات لكل من حولي، وتحميل جميع أسباب الفشل لي "أنا وحدي"، بحيث أبعد أسباب الخيبة عن أي عوامل خارجية، علها على الأقل تستطيع إخراجي من دائرة أنني مظلوم، لدائرة أنني "مقصر".

ومن أهم هؤلاء الأشخاص الذين اعتقد بأنني أكرههم بشدة، وأتعارض معهم بشدة، رئيس الدولة الفلسطينية بوصاية صهيوامريكية "الرئيس محمود عباس".

الفكرة التي يغيبها حكامنا بأن التنافس نحو الخضوع للإدارة الأمريكية هو السبب الأول لاتجاه الشارع العربي نحو أمل جديد يحقق طموحاته، وأن خضوع المؤسسات الدينية سواء الأزهر أو مكة وتنافسها لإرضاء الرسول الجديد أوباما - رضي العرب عنه - هو دافع حقيقي لتوجه الشباب نحو الأفكار الدينية المتطرفة.

لم تكن زيارتي الأخيرة للشارع الرئيسي في حينا عادية، ففي أثناء انتظاري لأحد أصدقائي، أثار فضولي بعض الفتية الملتفين حول شخص، و مناداته بــ "نيتشه". لم أستطع حينها إلا التوجه لرؤية ذاك الشخص الملقب بــ "نيتشه"، نيتشه ذاك الفيلسوف الألماني الذي ارتبطت معه بشده، وخصوصاً بإحدى عبارته التي لازمتني أربعة سنوات طيلة مشاركتي في الحركة الطلابية داخل الجامعة "قل كلمتك وحطم نفسك إلى شظايا".

شَهِدَتْ المواقع الإخبارية البارحة نشاطاً ملحوظاً بعد تعرُّض المنتخب الجزائري لكرة القدم لزخات من الحجارة من قبل الجماهير المصرية ” استقبال حار بطريقة مصرية تبرهن الروح الرياضية العالية ” ، فخطر ببالي مقولة لــ أوسكار ليفي : ” نحن اليهود لسنا إلا سادة العالم ومفسديه ، ومحركي الفتن فيه وجلاديه ” ، فمن نزاعات وخلافات رسمية عربية امتدت لتصبح شعبية : كسوريا ولبنان ، الأردن وفلسطين ، العراق والكويت ، و أخيراً مصر والجزائر.