شارك الآن

فرض واقع الثورات العربية المتتالية مفاهيم جديدة على ثقافة الشارع وساهم بكسر حاجز الخوف لدى الكثيرين، بعد أعوام من الصمت وعدم القدرة على انتقاد "فراش" في وزارة لأنه تابع بهرم الفساد الإداري إلى الوزير!.

مفرح بامتناع ما نتج عن تلك المساحة الضيقة للتعبير، ومؤلم ما ينضح به أبناء جلدتنا من أفكار، حتى أنك تشتم رائحة اللاوعي على بعد كلمتين من بدئك قراءة ما كتب أحدهم على صفحته الشخصية أو ما غرد به آخر.

واللعنة التي أصابتنا مرتبطة بالرفض المطلق للآخر، والخروج من أساسيات النقاش بمسلمة قالها سياسي راحل أو فرضية وضعها شخص عاش ومات قبل قرون.

بحيث أن مساحة الاختلاف بين جميع أطراف معادلة الشارع السياسي العربي ليست بذاك البعد، وحكمنا على الوعي واللاوعي مرتبط بمصالح جميع الأفراد بغض النظر عن انتمائهم وأصولهم واعتقادهم.

والصورة الأكثر وضوحاً على عدم القدرة على استيعاب فكرة الاختلاف هي صدى الثورة السورية على الشارع العربي بين مؤيد بالمطلق ومعارض بالمطلق. حتى أنك قد تجد صعوبة في البحث عن معتدل أو على الأقل شخص تستطيع مناقشته بالقضية من غير أن تتهم بدقائق بأنك إما صهيوامريكي متخاذل ابن كلب! أو أنك مرتشي تتقاضى راتب من السفارة السورية!

وموضوع ثقافة الاختلاف لا يقتصر على أحوال سياسية واختلافات فكرية حتى أنك تجد صعوبة في رفض أو معارضة أحد أفراد الأسرة لأنهُ تاريخياً "افهم واعقل" من حضرتك، لتمتد الكارثة بكل تفاصيل حياتك في العمل وفي الشارع وعلى أتفه الأمور.

في نهاية المطاف، الاختلاف جميل وهو رحمة لنا حتى نستطيع البحث عن قواعد ومسلمات تتناسب مع قدراتنا ونشأتنا الفكرية، وهو في غاية المرارة والخطورة في حال أعلن أحدهم الألوهية وبدء بمحاسبة الآخرين وتخوينهم ، والسلاح الوحيد الذي تمتلكه في حال كنت متأكد من آراءك هو بالسعي نحو النقاش وبرهنة أفكارك بما يتناسب مع مصالح خصومك!

دمتم واحداً بكل خلافاتكم.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
CAPTCHA