شارك الآن

لا يخفى على أحد أن أبو العز عاشق وملهم بالمثالية ، مع العلم أنه بعيد كل البعد عنها ، حيث أنه في الفترة الأخيرة أكتشف أن المثالية "كــالمِثلية" فكلتاهما لا تتوافقان مع ثقافة المجتمع .

إلا أن أبو العز، ورغم محاولات أصدقاء السوء، أراد أن يكون مثالياً، أراد أن يكون "أبو العز المثالي"، وها هو صديقنا أبو العز وفي بداية سنته الأولى بالجامعة ، يبحث عن سبيل لتطبيق قناعته، وفرض أفكاره المثالية على أبناء جلدته في الجامعة .

وأخيراً … وجد أبو العز ما كان يصبوا له، فقد قامت الجامعة بوضع أربعة أنواع من سلال المهملات زجاج، وعلب، وأوراق، وقمامة أخرى.

و يا حلاوة أيامك يا أبو العز، جاءت فرصتك لتثبت أن المثالية هي السلوك الواجب لكل "قرد" في المجتمع، فكيف إذا كان هذا السلوك صادر عن نخبة المجتمع وطبقته المثقفة "أبناء الجامعات".

أبو العز … يا أبو العز … يااااااا أبو العز …

لم يتوانى أبو العز عن نشر فكرة إعادة تدوير المهملات، وأهميتها على البيئة، ودورها في إنعاش الاقتصاد، ولم يذق النوم يوماً وهو يفكر في كيفية إيصال الفكرة لأكبر قدر ممكن.

تتوالى الأيام .. وصديقنا أبو العز اقترب من الهدف المنشود فالفكرة التي كان ينشرها بعيدة كل البعد عن السياسية والتحرر "بس ما حدا بنكر أنه إحنا ابلد ديمقراطي" وانتشرت الفكرة عند أصدقاء أبو العز، أبو العز بين الممرات، أبو العز في السكويرات، أبو العز بالكفتيريا، أبو العز في كل مكانٍ فداءاً للفكرة .

ولحسن حظ صديقنا أبو العز، جاءت اللحظة! وجاء الوقت الذي يقوم فيه عاملة النظافة بتفريغ محتوى سلال المهملات، كم انتظرها بشغفٍ تلك اللحظة، فهي التي ما انفك يحلم بها.

بداً عامل النظافة بتفريغ سلة العلب في كيس كبير، العامل يفرغ .. وأبو العز ينظر وكادت دموعه تنهمر من الفرحة، بدأ العامل بتفريغ سلة الزجاج في الكيس الثاني، وأبو العز ينظر "وضحكته كادت أن تصل لذنيه" ثم أكمل العامل تفريغ سلة الأوراق في نفس كيس الزجاج.

صعق أبو العز! وانطلق نحو العامل "وكان ناوي يشل أمله لأنه خربط"

وقال صارخاً: يا زلمة وحد الله هذا ورق!

العامل : بعرف … بس شو الفكرة.

أبو العز الغاضب : يعني لازم اتفضيهم بكيس لحال!

العامل : أنت مصدق هالكلام، العلب أنا ببيعهم بس القزاز والورق، ما بمشي!

يا لها من لحظات حقيرة … فبعد كل هذا المجهود اكتشف أبو العز أن ما قاله صديقه أبو ورد واقعي، فالمسؤولين ينادون بالتطوير والنهضة ، كذلك الشخص الذي دعا ربه خمسة عشر عاماً كي يرزقه بولد، وقد نسي أنه ليس متزوجاً! والمسؤولين ينادون بالتطوير والتغير وقد غاب عن بالهم أنهم لم يتخذوا أي إجراء حقيقي لذلك.

تعيش وتاكل غيرها.. يا أبو العز!

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
CAPTCHA