ينطلق مسرعاً نحو الهدف، تعترضه الجدران، يسحقها بصموده وحدة طموحه، لم يضبط بوصلته جيداً كالعادة، كاد أن يصل إلى ما لا .. وبقية النهاية !! 

صديقنا "الهتر" من محبي الألوان، قلبه أحمر، وشفتاه رماديتان، عشق الأصفر في طفولته، وحاول اِرتِداء الأخضر فلم يجد مقاسه. 

ما زالت كلمات محمود درويش تحلق في مسمعي، ترسم صورة بألوان الخيبة، تأخذ من ذاكرتي مساحة بحجم الألم الذي أشعر به.

"أعجبنا حزيران في ذكراه الأربعين: إن لم نجد مَنْ يهزمنا ثانيةً هزمنا أنفسنا بأيدينا لئلا ننسى!"

لم ألاحظ وقوفها على الشرفة المطلة على الاكتظاظ الموجود في الشارع الرئيسي، لا أدري لأنني اعتدت على ذلك منذ ثلاثة أيام، أم لأن المادية سيطرت علي، خصوصاً وأنني موظف جديد يريد إثبات جدارته.

أصابتني الدهشة عندما سألها أحدهم "أم صابر كم عمر صابر الله يحفظلك اياه؟"

كما اعتاد كل صباح، يفتح شرفتهُ المطلَّة على ربوع أرضه، منتظراً ذلك القُرص المتوهِّج ليطلع من بعيد، مبعثراً أشعته بين سنابل القمح وأشجار الزيتون، ماسحاً كل الدمعات، عن تلك الورقات المنتحبات؛ بحجة الأمل.

لم يمل من الانتظار، كان دوماً على الموعد، تسعة وخمسين عاماً لم تكن كفيلة بتثبيطه، لم تكن كافية للنسيان، هو لم يتغيب يوماً عن سماع أخبار السادسة.