شارك الآن

صدر عن نتفلكس قبل أسابيع الفلم الوثائقي "الاختراق الكبير - The Great Hack"، الفيلم يوثق كيف استغلت شركة الاستشارات البريطانية كامبريدج أناليتيكا معلومات المستخدمين على فيسبوك وتحليلها ومعالجتها للتأثير على الناخبين والتي آتت أُكلها في انتخاب ترامب رئيساً لأعظم دولة في العالم كما يدعون.

الجدير بالذكر أن الشركة لم تتلاعب في الانتخابات الأمريكية فقط بل امتدت للتأثير على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي وانتخابات البرازيل وأن البروباغندا الرقمية ليس بالأمر الجديد فقد عملت الشركة منذ عام ٢٠٠٣ في أفغانستان والعراق ودول نامية أخرى كالهند وتايلند وكولومبيا وكينيا والعديد من الدول الآخرى.

 

ولكن كيف يتم التأثير عليك؟

حتى تكون عملية التأثير كاملة المعالم لا بد أن تمر بالمراحل التالية:

 

١. جمع البيانات:

البيانات هي النفط الجديد الذي يصنع ترليون دولار سنوياً و تتربع على عرشه شركات مثل غوغل، وفيسبوك، وأمازون، حيث أن كل ما تفعله على مواقع التواصل موثق، ما تكتب، وما تقرأ، ما تبحث عنه، ما ترتاده من مواقع وكل حركة بسيطة حتى لو كانت الوقوف لثواني لمشاهدة مشاركة أحدهم هي موثقة وسيتم استخدامها لتحديد شخصيتك.

أما في حالة الانتخابات الأمريكية فإن الوقاحة في جمع البيانات امتدت لتكون على شكل استفتاءات وألعاب موضوعة من قبل علماء نفس لتحديد شخصيتك بدقة.

 

٢. تحليل البيانات:

تبدأ هنا اللعبة الممتعة وتستخدم كل بياناتك لتحديد شخصيتك، وإنشاء ملف نفسي لك، بعدها يتم تحديد هوية لكل شخص بمجموعة من الصفات بناءاً على سلوكه وتفاعلاته حيث وصلت في الانتخابات الأمريكية إلى ٥٠٠٠ صفة محددة لكل شخص، لا تخف جامع البيانات غير مهتم من أنت ولا يراك سوى كرقم ومجموعة صفات محددة ولكنه مهتم بالتأثير على سلوكك.

 

٣. تحديد الفئة المستهدفة:

لم يكن الاستهداف عشوائياً ولم تسعى الشركة لتغيير جميع الآراء، بل عملت الشركة بذكاء على استخدام استراتيجية البحر الأزرق - مناطق الظل حيث لا منافسة تذكر، وتتوافر الأسماك بكثرة -  والسعي نحو استهداف الأشخاص القابلين للاقناع، لم تستهدف الشركة الأشخاص المؤيدين للطرف الأخر بل استهدفت بشكل واضح وصريح الأشخاص ممن لديهم أرض خصبة لزراعة قناعات تستطيع هي بسهولة نثر بذورها خصوصاً وأن شخصيتك وحاجاتك معروفة لديهم.

 

٤. صنع المواد المخصصة:

من الأمور المهمة جداً في هذا الأيام سعينا الدائم لتخصيص واجهات المواقع والتطبيقات باهتمامات المستخدم واحتياجاته، وهي محبذة جداً في حال استخدامها لتحسين خبرة المستخدم، ولكن لم يستخدم التخصيص هنا لمساعدة المستخدم في رحلة رقمية أكثر سهولة بل استخدمت تحت إشراف خبراء علم نفس لمعرفة المواد الأكثر تاثيراً على الناخبين بناءً على صفاتهم وحاجاتهم التي تم تحديدها. وحدها الحاجات من تستطيع تغيرنا فكيف إذا تمت من خلال تحليل دقيق لمعرفة شخصيتك وحاجتك وأجزم أن تلك الآلات تفهمنا أكثر مما نفهم أنفسنا.

نعم، صنعت مواد مخصصة لكل شريحة بناءاً على صفاتهم وتم استهدافهم بسهولة بناءاً على كل رقم مميز لهم في قاعدة البيانات الضخمة. 

 

انتهت الرحلة والنتائج مضمونة وبرهنتها وصول شخص غبي ومستفز كالرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سدة الحكم، وداعاً لانتخابات آخرى نزيهة وأهلاً بكم في عالم رقمي ممتلئ بالبروباغندا.

 

--

البروباغندا (بالإنجليزية: Propaganda) كلمة تعني نشر المعلومات بطريقة موجهة أحادية المنظور وتوجيه مجموعة مركزة من الرسائل بهدف التأثير على آراء أو سلوك أكبر عدد من الأشخاص.

استراتيجية المحيط الأزرق  (بالإنجليزية: Blue Ocean Strategy): أنه ليس من الضروري على المنظمة التي تريد تحقيق النجاح في مسيرة حياتها العملية أن تحتل مركزا تنافسيا قويا، بل يمكن ان تحرز نجاحا بدون منافسة، وذلك بأن تتبنى هذه المنظمات اسواقاً جديدة تعرض فيها منتجاتها الجديدة

التعليقات

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
CAPTCHA