اختر السنة

في ثنايا القصة أب ملهوف على فوز ابنه "يوسف" ، يقوده اهتمامه الزائد بأن يلتف حول "حلبة" المباراة كإسكندر المقدوني يثبت ويشجع ولده قائلاً "اذرب يا يوسف .. ارفع راس أبوك يا يوسف "، كنت انظر إلى يوسف بغيرة لا أنكرها لأن والده رافقه في إحدى معاركه وكنت أتمنى أن يتذكر والدي " أنا هسا باي صف".

فرض واقع الثورات العربية المتتالية مفاهيم جديدة على ثقافة الشارع وساهم بكسر حاجز الخوف لدى الكثيرين، بعد أعوام من الصمت وعدم القدرة على انتقاد "فراش" في وزارة لأنه تابع بهرم الفساد الإداري إلى الوزير!.

إن التناقضات اللعينة التي تسيطر على تفاصيل حياة السياسي في المرحلة الراهنة، تجعل من منحنى الثقة لأحدهم أمراً مستحيلاً، وقد تتطور هذه التناقضات في بعض الأحيان لتصبح "وقاحة سياسية" وسبب رئيسي في عزوفنا عن المشاركة في أي حدث على الساحة.

بعد الاعتداءات المتتالية على الصحفيين ومندوبي الإذاعات المرئية والمسموعة، وابتداءاً من 24 أذار، مروراً باعتصام السلفية الجهادية في الزرقاء حتى الكرامة، بدا أنه من الصعب على الحكومة التهاون بقضية الاعتداء على الصحفيين، وفكرت مشكورةً بطريقة تَميزُ بها الخبيث من الطيب، والإصلاحي من البلطجي، والمخبر عمن سواه.

اعترافُنا المطلق بحمى الأمة الشديد ومحاولاتُنا المستمرة التي تهدف إلى علاج بُلدانِنا، تعترضُ بلا شك بمصلحة المُتطفْل ومُسبب الحُمى من سلطة وقوة، والمَنْفَذُ الوحيد لترطيب الجسد المَعلول تتمثل في مفهوم المنظمات غير الحكومية NGO.

ضبابية الأحداث في الفترة الأخيرة والأسلوب الحكومي المُتبع لامتصاص صدى الهبات الشعبية المجاورة يُؤججُ ويُؤزمُ الموقف أكثر فأكثر، والمحاولات الحكومية المستمرة برسم صورة العذراء، التي خَدشَ حياءها أفعال فئات شعبية متطرفة وخارجة عن صف الفساد الوطني، صورة مهشمة في خيال أي مواطن، كون المواطن هو المتضرر الأول من نتاج عمل الحكومة.

إحدى صور الطفولة التي لن تغيب عن جدران الذاكرة هي علبة "راس العبد"، تلك العلبة البيضاء التي يطغى على غلافها صورة الشب "السيكا" وطربوشه الأحمر. فأهمية راس العبد لا تكمن بالحبة التي كنت استمتع بتناولها ، لتمتد معلنتاً بأنها عنوان مرحلة هي الطفولة، الطفولة بأحلامها وشقاوتها، وتأملاتها، وعيونِ طفلٍ عنيد يريد استكشاف المزيد.

لا استطيع انكار أنّ عبارة "هجين وكع بسلة تين" هي العبارة الأمثل التي انطبقت علي عندما بدأت بمشاهدت هذا المسلسل، لدرجة أنني لم أحضر امتحان في الجامعة لأكمل ما فاتني من حلقات، وكان مجموع الخسائر والإصابات في ذاك الفصل الدراسي، "عتل مادة" و "كمشة خمسينات"، بحيث اعترف بلا أي نقاش بأن التوقيت للأسف لم يكن مناسباً بالمطلق.

عندما تصبح فتيا وأكثر نضجاً، تصبح مضطراً لتغيب عقلك وتعريف المفاهيم كما تريدها حكومتك الأبية! من باب التعاطي مع المواقع لا الاستسلام له! والمسافة الشاسعة بين المفهوم والتطبيق يجعلك معلقاً بين مفهوم لا اختلاف على طريقة تطبيقه ومفهوم مطبق لمصالح فئة ضيقة.

لم يكن الشعور بأن حالة السكون والاستقرار في وسط البحر مؤرقاً لسفينتنا في أي حال من الأحوال، حيث أنها لطالما قاومت الريح ولطالما نكست أشرعتها أمام أي منها ، لأن كل الشواطئ التي تتجه نحوها تلك الريح لا تتناسب مع ربان سفينتنا الأغر.